LightBlog

قصة قصيرة للرائع للكاتب /محمد رزق عبده فى /اقلام واراء

"‏لا أعلم بماذا أبدأ .. هل أكتب عزيزتي ، غاليتي ، حبيبتي .. أم ماذا ؟ كلها صور لاسم واحد فقط هو ............. ولكن لا تهم البداية فدائماً ما تكون البداية سعيدة ولكن ... ليست النهاية دائماً كذلك .. فالبداية تكون حذرة .. بها الكثير من الخوف و الرهبة و الغموض و الحذر من المجهول .. أما النهاية فتكون دائماً بالمعايرات و الخناقات و المشاحنات و كثيراً لا يرضي عنها الطرفان .
دعينا من هذه الكلمات التي لا ريب أنها لا تلقي مكاناً في بالك ، فهذه الكلمات ربما تثير استهجانك أكثر مما تثير رغبتك في متابعة القراءة و معرفة ما بعدها .. ولكن بالصبر تصل الرسالة و يتضح المراد و تنجلي كل الحقائق التي ربما تكون متخفية خلف غيوم الغضب و سحائب الانفعال .
............... لم يخطر ببالي في يوم من الأيام أن يتعلق قلبي بإنسانة بعدما تركت بلادي و سافرت ثم عدت مرة أخري ، عدت إلي وطني ولم أتوقع أن يأتي اليوم و تأتي معه إنسانة مهما بلغت مكانتها أو كنهها أو ماهيتها ، و تحرك هذه الانسانة شعرة من أحساسي أو تجعلني يوما أبيت أفكر فيها أو تجعلني أتمني رؤيتها كل يوم في الصحو و في الأحلام.
ولكن للأسف أتي ذلك اليوم الذي لطالما خفت من مجيئه و ترقبته بحذر و خوف ، أتي اليوم الذي التقيتك فيه .. أحسست أن هناك شيئاً يجذبني إليك ، لن أقول جمالك فناك الكثيرون أجمل ، ولا جسدك فكم من الأجساد أجمل ، لا عقلك فهناك من هو أذكي ولكن ما جذبني إليك هو طفولتك التي تجري من نهر التلقائية الجارف .. تترقرق ثناياه بحنان و طيبه .. و ينهمر منه عبق الحب سجات سجات .. ذاك الشيء الحنان و الحب من طفلة .. لم أعهد هذا بين فتيات كثيرات مررت بهن بل و كثيرات توقفت عندهن .. خفت من البداية و خفت في البداية ، خفت من الاقتراب منك سريعاً حتي لا أكتوي بنار ألهبني سعيرها من قبل .. خفت من أن أمضي في طريق لا أري منه مهرباً ولا أصل فيه إلي نهاية .. كان القرار صعباً .. قررت أن أتعامل بطبيعتي معك .. لم أتصنع الحنان أو العطف أو أي شيء و إنما هي طبيعتي مع كل من حولي ، أحاول أن أجعل الكل يحبني فلا أتصور العيش في هذه الدنيا بدون أناس يحبونني ....
لم أتصنع الاهتمام بك و إنما كانت طبيعتي ، ولكن عندما تحرك قلبي اللعين الذي لطالما حذرته من عقبات حركته ، وحدث ما كنت أخشاه و تحول هذا الاهتمام إلي رغبة في الاقتراب ، و تحولت الطيبة و الحنان من مجرد كلمات إلي نظرات ثم حركات ثم حدث ما حدث يومها ......
يومها كنت أعلم ما سيحدث بل كنت أرسم و أخطط له بكل تفاصيله أياماً و ليالي ، كنت أبيت أحلم بيوم أقترب من ذاك القلب الذي أحببته و تحركت مشاعري من أجله .. كنت أبيت أحلم و أحلم .. أرتب و أفكر .. كيف أحاول أن أفتح الطريق لكي يمر نهر الحب بين قلبانا ... لم أكن أخاف من أن ترفضين أو تنهريني أو تقابلين هذا الحب بجفاء أو غيره ، وإنما ما وصلت إليه هو القرار ، يومها أعددت نفسي و قررت أن أقتحم المجهول ..
************************
وقفت إلي جوارك ، كان قلبي يدق بسرعة كبيرة و يداي ترتعدان ليس من الخوف و إنما هو بركان مشاعر ثار من أعماق قلبي وكنت واثقاً من أنه سوف يصل إليك و ستشعرين به و تؤمنين بصدقه وهو ما سيجعلك تقبلين بقلبي شريكا لك .. وما انتظرته حدث ، كنت أقف أمامك و أنا ممسك بذاك العقد في يدي ، نعم هو العقد الأول الذي اشتريته ليكون أول رسالة حب تحملينها حول عنقك ، وقفت... و نظرت ... و انتظرت.
اقتربت منك و قلبي تزداد دقاته ، اقتربتي مني و مددت يدك لتأخذي العقد ، توقفت و كانت نظرة ..تسمرت في مكاني و أنا أسبح في بحر عيان لم أتخيل اني رأيتهما من قبل و ابتعدت يدي عن يدك ، و ارتفعت بذاك العقد و حينها مددت يدي حتي أضع العقد حول عنقك ، شعرت بأن يدي تحتضنان العالم بأسره ، و كأني أقف أمام بحر ثارت أمواجه ابتهاجاُ بيوم شتاء عاصف ..
أخذت مني العقد و اتجهت يمينا نحو المرآة .. تطلعت كثيرا في العقد و التفت ناحيتي و اطلقتى رصاصة من عيناك استقرت في اعماق قلبي ، حينها خطوت أولي الخطوات نحوك و أخذت رأسك بين يدي ثم وضعتها علي صدري أحسست و أكني أملك العالم و أنك كعروس ترتمي في مخملها يوم عرسها ، و تهت في عيناك...
*******************************************
صدقيني لم أرك أنت حينما نظرت إليك ، و إنما رأيت عينان كنت دائما أحلم بهما و أريدهما ، عينان تنظران إلي بلهفة تتبادلها مع ما في قلبي من لهفة ... كنت واثقاً من أن حبي سيمضي من هذه النظرات إلي أعماق قلبك فيحركه فيرد قبلك بنظرة تزيدني شوقاً إليك و لهفة عليك .
لا أريد أن اطيل عليك و إنما أردت أن أعلمك أن ما قدمت علي الاقتراب منك رغبة في جسدك ولا جمالك ،، ولك هذا السر ... فلطالما تعرفت علي جميلات و حسناوات ، ولكني كنت أرفض ، كنت أقول أن جسدي فقدته مرة بزواج علي غير رغبتي ، فلن أفقده مرة أخري ، و قلبي فقدته مرة فلن أفقده مرة أخري ، ولكن معك وجدتهما معاً قلبي و جسمي . و كثيرا ما قلتي لي أني لم أعد أحبك أو اني زهدت فيكي ، أقول اني لم أكن اهواك يوماً جسداً خاوياً و انما عشقتك قلباً نابضاً و روحاً متجردة من كل الاطماع ، لست أهواك جسداً ينتهي بشهوة أقضيها و انما كل ما أحبه أن يكون جسدانا و قلبانا بدون حجاب ولا حاجز ولو لثوان فقط .
ولكن بعد كل هذا سألت نفسي وما حقها عليك ، اتذكرين ذاك السؤال ، الذس سألته و ثرت أنت و هاجمتني بأنني أريد الابتعاد عنك و أنني زهدتك .. الحقيقة غير ذلك .. فقد أصبحت لا أطيق العيش بدونك ولو للحظات .. حبيبتي لو أنك للحظة واحدة أحسست بما أكنه لك في صدري و انت تتركينني كل يوم ، و كأنك تنزعين قلبي من بين جوانحي و تأخذيه معك ..
حبيبتي .. الحب ليس كلمات ولا أفعال .. الحب شعور لا يقدره إلا من يحب ، الحب هو من جعلك تقتربين مني و الحب نفسه هو ما يجعلني الان أبتعد عنك .
حبيبتي كنت أعيش الحلم بأن يتحرك قلبي و بالفعل تحقق حلمي الذي لطالما انتظرته و تشوقت إليه و لكني استيقظت ذات يوم علي هذا الخبر ، خبر خطبتك .. توقف عقلي عن التفكير و أحسست بنفس الشعور يوم العقد نفس الارتباك و الحيرة و الخوف ولكن هذه المرة ليس من أثر شوقي إليك ولكن من أثر خوفي أن أفقدك ...
تيقنت ساعتها أني علي أعتاب صدمة من أكبر صدمات حياتي .. ساعتها تحولت كل مخاوفي و ظنوني إلي واقع ، لم أرد أن يظهر هذا علي وجهي .. تظاهرت بالقوة وأنا كنت وقتها أضعف من أي شيء .. تظاهرت باللا مبالاة ، و أنا أحس بأنني أطعن نفسي بخنجر مسموم و أحس بسريان ذاك السم في قلبي ... لم استطع وقتها إلا أن أستجمع قواي ... يومها خرجت .. اشتريت أفضل الهدايا و قدمتها لك حتي تقدميها إلي خطيبك .. اتذكرين .. يومها فقط ضممتك لم يكن وقتها حباً وإنما ضمت الفراق .
سألت نفسي وقتها .. هل حقاً هذه النهاية ، هل ستكون النهاية كما في القصص و الروايات ، أحسست ساعتها فقط أني أخطأت ليس لأني أحببتك أو لأني صارحتك بحبي ولكن خطأي أني أحسست يوماً أنك أصبحت جزءاً مني .. و تنبهت علي الحقيقة أنك لست لي .. ذات يوم ستبتعدين و تتركينني ، رجل آخر سيحل مكاني ربما يكون أحسن ممني .. لا بل هو بالفعل أحسن و أفضل لسبب واحد أنه استطاع أن يملكك ، أما أنا .........

بالفعل كانت النهاية مؤلمة ، ولكنك عدت إلي و تركك ذاك الرجل ، ولكنه تركك جسداً وأخد معه كل أمل في غد لطالما حلمت به... مضي و معه نبضات قلب تحول إلي كتلة صماء لا حراك فيها ، انه قلبي .. يومها عدت إلي وقفت أمامي رأيتك جسداُ فقط .. تحسست روحك .. تلمست قلبك ... لم أجدهما .. اليوم فقط أصبحنا جسدان فقط ... جسدان يملأهما الخوف .. يومها علمت لماذا لا يشعر الخائف بلذة الحب‏"
بقلم الكاتب /محمد رزق عبده




هناك تعليق واحد: