الكاتب والأديب صلاح البسيوني يكتب قصة قصيرة بعنوان تليفون
تـليفــون
تأليف صلاح البسيونى
جلس فى عجلة من أمره .. تناول سماعة التليفون فى لهفة .. أدار القرص مرة بعد أخرى .. وأنتظر فى قلق وتناهى الى سمعه رنين هادىء .. يتوقف .. وصوت هامس يتحدث .. هالو .
تزداد ضربات قلبه وهو يجيب .. هالو نشوى أنا رفيق .. وحشتينى .. لم أستطيع الأنتظار للغد لكى أحدثك .. فلقد أردت أن استحوذ على اليوم بعد أن أعطيتنى الأمل بأن الغد سيكون لنا .
الصوت الهامس يعلو طفيفا .. مين حضرتك ؟.. يجيب رفيق .. ألا تذكرينى؟ .. الجالس بجوارك فى الطائرة فى رحلة العودة الى الوطن .. خمس ساعات وكأنها بداية ميلاد جديد .. تحدثنا وأتفقنا أن نتبادل الإتصال ونتواصل الحوار .. ألا تذكرينى؟.
معذرة ربما أختلط الأمر على !! وفهمت الأمر خطأ لبعدى فترة طويلة عن الوطن ورغبتى فيمن يشاركنى الحديث فى وحدتى .. أو ربما كان حوارنا بالطائرة قتلا للوقت .. أكرر أسفى .
هم بوضع سماعة التليفون إلا أن الصوت الهامس أرتفع فى صراخ أوقف يده فى منتصف الطريق .. أنتظر .. لا تنهى الحديث أرجوك .. حقيقة أنا لا أعرفك .. ولست بنشواك .. ولكننى أيضا فى حاجة لمن يشاركنى الحديث ويقتل معى الوقت .. فى حاجة حقيقية الى رفيق .
يمكننا أن نتحدث .. أن نصبح أصدقاء عبر التليفون .. يبوح كل منا للآخر بما فى صدره .. ليخرجه من وحدته .. فليست الغربة هى البعد عن الأهل والوطن فقط بل أشد أنواعها أن تكون غريبا بين الأهل وفى بيتك .. وهذا ما أعانى منه الآن .. وأخذت تقص عليه قصتها .
ومن جانبه لم يترك لحظة من شريط حياته منذ هجرته الطويلة التى دامت عشر سنوات بكندا .. إلا وقصها عليها .. عرفته بكل فرد من أفراد أسرتها .
أخبرها أنه فقد الأسرة خلال فترة سفره ولم يبقى له إلا أطراف الأقارب متفرقين فى محافظات عديدة .. قالت لقد أرسلك القدر لى لتخرجنى من غربتى .. قال بل أرسلك لى لتشاركينى عودتى .. وتكونى نواة أسرتى .. فهل تقبلين ؟ .
صرخت .. هذا كثير فلنترك هذا للأيام .. قال الأيام كلها لنا .. أرجو أن تعطينى الرقم للأتصال بك .. أعطته الرقم .. طلبت رقمه هو الآخر فأعطاها أياه .
إنتهت المكالمة بعد أن أتفقا على اللقاء فى المساء .
التعليقات على الموضوع