الكاتب والأديب صلاح البسيوني يكتب قصة قصيرة بعنوان المحطة الأخيرة /العربية نيوز
المحـطــة الأخــيرة
تأليف صلاح البسيوني
فى إحدى الأيام التى يمتحن الله بها عبادة .. فجأة أظلمت الدنيا وأرعدت السماء .. وهبت الرياح والأعاصير تحاول أن تقتلع الأخضر واليابس .. إنقلبت حياته .. رأساً على عقب .
وفى نفس تلك الأيام التى يمتحن الله بها عباده .. فجأة شعرت أن الريح سوف تقتلعها .. والطوفان سوف يجرفها الى قاع المحيط المظلم .. وسفينة نوح لم يراها أحد .. وبساط الريح لم يغادر كتاب ألف ليله وليله .. ومصباح علاء الدين إسطورة تتناقلها كتب الحواديت .. وهدهد سليمان ذهب مع الحكيم فى قلب التاريخ .. تذكرت كل تلك المعجزات لعلها تجد إحداها فى دنياها هذه لتنقذها .. فالريح يعلو صفيرها .. والأعاصير يعلو زئيرها .. والأشجار تقتلع من جذورها .. والبيوت التى تحتمى بها تنهار أسقفها وجدرانها .. والكل يبحث لنفسه عن مهرب أو ملجأ يحتمي به .. وإنقلبت حياتها رأساً على عقب .
وفى نفس الأيام التى يمتحن الله بها عباده .. شعر بيد تنقض على يده تتعلق بها .. أصابع ناعمة تحولت إلى قبضة فولاذيه تقبض على يده وتتشبث بها .
بل شعرت هى بقبضة حانيه تنتشلها من هجمة ريح كادت أن تقتلعها من صمودها وتقذف بها الى عرض الطريق .
فى الحقيقة ليس هناك ما يؤكد أيهما أمسك بالآخر أولاً .. المهم تماسكت الأيدي وتشبثت الأصابع .
شعر بجسم يلتصق به .. يخترقه .. يتسلل بين أضلعه باحثاً عن ملجأ من الأعاصير.
شعرت هي بمن يلتصق بها .. يجذبها إليه .. ينصهر فى أحضانها باحثاً عن الحنان والحب كما يلتصق الطفل بصدر أمه يحتمي به .
إزداد التصاقهما قوة .. وقويت فى إنصهارهما عزيمتهما .. وسارا معاً فى وسط الطريق ..ي واجها الريح والأعاصير فى ضرباتها المتلاحقة .. دون أن تنال منهما .. تشتد ضرباتها قوة فيستمدا من توحدهما بالحب قوة .. تزداد ضرباتها شراسة فيستمدا من إنصهارهما بالعشق صلابة .. وكلما هدأت الأعاصير كلما سارا وسط الطريق بلا خوف .. وفى ترقب للضربة القادمة دون ضعف .
وذهبت الريح .. وإنقطعت الأمطار .. وإنقشعت السحب.. وانكشفت السماء .. وأشرقت الشمس .. وهدأت دنياهما .. وظهر الطريق .. ونظرت إلى أطلال منزلها في نهاية الطريق .. وانطلقت مسرعة إليه .. وتركته !!!!.
التعليقات على الموضوع