LightBlog

الكاتبة نورا عماد قصة بعنوان جميلة قبيلتها _العربية نيوز



 نظرات ثم نظرات آخرى اقتربت أكثر حتى استطعت حفظ تلك الملامح  التى جعلت مني سكيراَ

 تفتحت الورد فى خديها تلونت شفاهها  بلون الدم فصارت تُفتن من الرجال شيخهم 

 ‏ماذا فعلت لي؟

 ‏ وكأني تائه في ذلك الملكوت انتظر نظرة الرضا التي ترد الي صدري أنفاسه وتُنعش الحياة بقلبي من جديد 

لم تكن الأقاويل في حقها كثيرة كما ظننت بل لم يستطيع أحدهم وصف الحُسن في ملامحها كانت تلقب بالجنية لشدة جمالها حتى أن بعض الرجال صاروا يتغزلون بجمالها في أبيات شعرية 

لم تطمع يوماَ أن تصير نجمة سينمائية كباقي النساء المغرورين بجمالهم ولم تطمح أن تصير طبيبة فهي تعلم فى أي مستوي إجتماعي تعيش 

وكأن الجمال صُنع ليكون لقلبها النصيب الأكبر فبرغم قسوة الدنيا عليها إلا أنها كانت تملك لين قلوب الدنيا أجمعها 

كانت عزيزة بين الناس و ذليلة في  روحها 

لم يبتسم الحظ ل نادرة منذ وفاة والدايها إلا حين انتقلت إلي قاهرة المعز رفقة خالتها وزوج خالتها لتسكُن إحدى حواري القاهرة 

حين رأتها بعض النساء للمرة الأولى تتجول بالحارة رفقة خالتها ليعرفوا المكان ويقضوا حوائجهم نعتوها بالجنية رغم صغر سنها فلم تكن تجاوزت الخامسة عشر حينئذاَ 

ولكنها الغيرة التي اشتعلت في قلوبهم المتحجرة فلم يشفقوا عليها رغم علمهم بيُتِمها .بل جعلوا منها ساحرة أتت لتفتن رجالهم .

فما ذنبها فيما رزقت به من جمال؟

لم تكن تهتم لأمرهم ولا ما يصنعون إلتفت إلي إكمال حفظ القرآن التي بدأت حفظه على يد الشيخ عابد زوج خالتها 

لم تكن بخيلة ولو ببسمتها كانت بشوشة الوجه تبتسم فى وجه الصغير والكبير .عُرفت بإجادتها للرقية الشرعية وكأن فى تلك الآيات التي تتلؤها معجزات تتحق بقرأتها  فلم تبخل بسحرها في علاجهم بالقرآن 

حتي صدق بعضهم أنها جنية 

وسُطرت عنها بعض الأساطير على مصاطب النساء فبعضهم قال عنها عفريتة هاربة من عشيرتها لتتزوج انسي  والبعض الآخر قال ارغمتها قبيلتها الظهور بين البشر ومعالجتهم بسحرها كعقاب لها على مخالفاتها اؤامر عشيرتها 

ولكن ها هي نادرة تقف أمامي تتحدث كالبشر تأكل كالبشر ولكن حين أمسكت بيدي ايقنت أنها ليست من البشر تملك سحر خاص حتي فى لمستها 

يداها دافئة تشعرك بأن العالم الخارجي بارد حين ملامستها 

أنه ذلك اليوم حين استنجدت والدتي بي أن أذهب واطلب من نادرة أن تأتي وتتلؤ الرقية الشرعية عليها فهي تشعر بالتعب منذ اشهر وقد فقدت الأمل في علاج الأطباء 

ذهبت غير مقتنع بطلبها ولكن كان ذهابي تلبية لرغبتها 

وقفت أمامها بجسدي فقط فقد أخذت بعقلي بعيداً وصرت حسين ابن أم حسين فاقد العقل والقلب من نظرة فى وجه نادرة .وقعت مني جميع شهاداتي الجامعية ولدقائق شعرت بصدق ما قالوا عنها 

اقتربت منها ورأيت تلك الملامح التى جعلت من أشد الرجال دراويش في عشقها 

لم تكن تملك الكحل ولكن تكحلت عيناها بسواد الليل 

لم تكن تعرف ما هو احمر الشفاه وها هي تملك من الحمرة ما يجعل الجميع يشك بأمرها .......

ابتسمت حين قلت لها أحتاج رُقيتك 

ذلك الدكتور الجامعي فقد القدرة علي ترتيب كلماته 

وقابلت ذلك بالضحكات العالية 

لا أنا فقط اتلؤ الرقية ولكنها من القرآن 

نعم نعم أعلم فأنا. .. أنا.. أنا دكتور بالجامعة  

وأنا أعلم من أنت ومن تكون 

الآن سنذهب الي والدتك ثم نعود لنكمل حديثنا

لم يكن الطريق بالطول الكافي كي اشبع نظراتي منها وصلنا إلي منزلي سريعاً وما أنا خطت قدمها المنزل حتى شعر الجميع بتغير ريحه إلي أطيب. الروائح .

ببسمة قابلت الجميع ثم جلست جوار أمي بفراشها نظرت إلي عيناها ومسحت على رأسها بيدها الدافئة وبدأت في تلاؤة الرقية الشافية وبعض آيات القرآن . استسلمت أمي واغمضت عيناها وذهبت في نوماَ عميق لم تذؤقه منذ أشهر .انتهت نادرة وهمت بالذهاب 

الآن ستكون بخير اتركوها بكامل المنزل وحدها فعقلها يريد أخذ اجازة ليستطيع ترتيب أفكاره 

صحت أنا بصوتاَ عالي

 وهل تعرفين ما هو العقل ؟

 ‏وما دخل العقل فى ما بها من أمراض ؟

 ‏اقتربت نادرة وتحدثت مبتسمة 

 ‏مازالت أمك بصحتها فلم تذهب عنها 

 ‏جميعها فقط تداعيات إرباك لما بها 

 ‏وما بها ؟

 ‏كثرة التفكير في أمركم يأسها من الدنيا أن تغير قلوبكم المتحجرة عليها .مللها من الوحدة فقد أنجبت للدنيا صبيان صاروا حكايات الحارة  لا تنقطع عنهم وضرب بهم المثل فى حب التعليم .

 ‏ولكنها  تمكث هنا وحيدة لا تجد من يحنو عليها 

 ‏...شعرت بالغضب وانطلقت مني الكلمات كالسهام 

 ‏الان صارت نادرة طبيبة نفسية تفسر لنا ما يحدث مع أمي 

 ‏لا أملك من العلم سوا آيات القرآن التي تعلمتها على يد زوج خالتي 

 ‏ولكن أستطيع قراءة ما فى القلوب وقلب امكم صار فارغاً ملئ بالخوف ..

 ‏والحل ؟

 ‏لا تريد منكم اهتمام زائف أو مؤقت تريد الحياة جواركم فالحياة فى تلك الوحدة أشبه بالقبر ..

 ‏صمَت قليلاً وبعد تفكير سريع اقتنعت بحديث نادرة لعلي وجدت إجابة سؤالي الذي طرحته سابقاَ إن كان جميع الأطباء أجمعوا أن أمي بخير لا يوجد بها تعب جسدي 

 ‏فلماذا استسلمت لليأس وجعلت من جسدها سجين الفراش ؟

 ‏الان فقط فهمت 

 ‏طلبت من نادرة الإنتظار جوار أمي ليوم واحد

 ‏ يوم واحد فقط لأستطيع جمع أشيائي والعودة إلي أحضان أمي 

 ‏لم ترفض بالعكس رحبت كثيراً 

 ‏شعرت بالاطمئنان على أمي رفقة نادرة 

 ‏اسرعت إلي منزلي الذي استإجرنه بالقرب من الجامعة جمعت أشيائي المهمة في أقل من ساعتين ولكني جلست افكر

 ‏ان كانت أمي حملتني تسع شهور دون أن تمل .. أهلكت روحها وانفت صحتها فى سبيل أن أحصل على شهادتي لم أكن أسهر ليالي الامتحان وحدي .بل كانت تظل جواري إلي أن تشرق الشمس .

 ‏لم أكن وحدي أشعر بالخوف بل كانت تشاركني جميع أحاسيسي وجودها خفف عن روحي الكثير لا أظن كنت سأصل إلي ما أنا عليه دون تشجيعها لي وثقتها بي ...

 ‏من فعلت كل ذلك تستحق أن أقدم لها الصبر على الحياة جوارها بالحارة تستحق أن لا أمل من بعد المسافة بين منزلها والجامعة يكفي أن رائحتها مازالت بالمنزل .

 ‏حملت أشيائي وعدت إلي منزل الحارة رتبت غرفتي القديمة واستعدت ذكريات الطفولة 

 ‏فى شرودي 

 ‏اقتحمت نادرة هدوء تفكيري وترك صوتها أثرا بأذني إلي هذا اليوم 

 ‏الان دوري انتهى ..

 ‏ماذا ؟

 ‏لا لا فلم نعرف إن كانت أمي بخير أم لا 

 ‏هي بخير فقط تحتاج من يشعرها أن الحياة مستمرة 

 ‏ايعني هذا انكِ لن تأتي مرة أخرى ؟

 ‏سأتي فقط حين أشعر أنها تحتاج الرقية 

 ‏من تلك الملاك التي أخذ بعقل دكتور جامعي .

 ‏فتاة بحارة شعبية لا تملك حذاء اسود يرفع أقدامها سنتيمترات عن الأرض ولا فستان قصير يبرز مفاتنها 

 ‏ولكنها أخذت بعقلي بتلك الملاءة اللف 

 ‏وصرت فى حسنها تائه 

 ‏اهي لعنه تصيب من ينظر إليها ؟

 ‏ام بها سحر يفتن الرجال ؟

 ‏مرت. أيام قليلة انقطعت نادرة عن منزلنا فلم تعد تأتي ولكن المفرح في الأمر تحسُن أحوال أمي تركت الفراش وذهب عنها المرض وامتلأت بالنشاط من جديد لم أعد فى حاجة للعودة إلى منزلي . يكفي ذلك الصباح الذي اتلقي فيه نادرة وأنا في طريقي للجامعة .

 ‏الان أصبحت كالسمك في الماء يموت حين خروجه من بحيرته 

 ‏وصارت عيون نادرة بحري .

 ‏وازداد الأمر تعقيداً حين دق باب فى منزلي فى الحادية عشر مساءا 

 من الطارق فى ذلك الوقت ؟فجميع أهل الحارة نيام 

 ‏اشتدت الرياح وانطفأ المصباح وأنا في طريقي لفتح الباب .

 ‏وحين رأيت نادرة من تقف بباب منزلي اندهشت ما بها فى ذلك الوقت وما أصابني بالصدمة حين اشتغل المصباح مرة أخرى من تلقاء نفسه .

 ‏لم أكن تحدثت لأصمت 

 ‏ولكنها همست في هدوء 

 ‏لم أجد غيرك يستطيع مساعدتي .

 ‏ما بها ملاكي تأتي منتصف الليل وكأنها هاربة من قبضة وحش ؟

 ‏سيطول الليل لأستمع إليها 

 ‏تتابع 

 ‏بقلم /نورا عماد  

 ‏ 

 ‏

 ‏

 ‏

اخر الاخبار العربية والعالمية العربية نيوز

ليست هناك تعليقات