LightBlog

الكاتب والأديب طارق حنفي يكتب خاطره حول سورة الصمد

 [قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ (1) اللَّهُ الصَّمَدُ (2) .....]

الكاتب والأديب طارق حنفي يكتب خاطره حول سورة الصمد... 





كما ورد، فقد جاءت جماعة من المشركين أو اليهود سيدنا محمد -صلى الله عليه وسلم- وسألوه أن يصف لهم ربه وأن يذكر لهم نسبه، فأنزل الله سورة الإخلاص، تنفي عن الله سبحانه أن يكون له ابن أو أب أو ند أو شريك، فيها من الإيجاز والإعجاز واليسر وسهولة الحفظ، ولها مكانتها بين سور القرآن جميعا؛ فهي تعدل في الثواب ثلث القرآن، كما تدخل محبيها الجنة......... 


لكن لماذا وسط كلام الله عن وحدانيته وتفرده، يذكر اسمه الصمد دون باقي أسمائه الحسني، وهي المرة الوحيدة الذي يذكر فيها هذا الاسم في القرآن؟! 


قالوا في معنى الصمد: الكامل في جميع صفاته وأفعاله. 

وقيل: هو السيد المقصود في الحوائج. والمقصود في الرغائب المستغاث به عند المصائب. 

وقالوا إن المعنى الجامع للصمد هو: الكامل في صفاته الذي افتقرت إليه جميع مخلوقاته....


ويقول الشيخ الشعراوي -رحمه الله- في كتاب الفتاوى أن معنى الصمد: هو المقصود في كل الحوائج، بيده الخير كله، يستطيع أن يعطي كل ذي حاجة حاجته، دون أن ينقص ذلك مما عنده شيء، وهو في قوته لا يستعصي عليه أحد مهما بلغ جاهه أو سلطانه. ولذلك فإننا يجب ألا نخاف الدنيا كلها، ما دمنا مع الله، وما دمنا على الحق...  


والله أعلم نقول: 

لما سألوا عن نسب الله، ومعروف أن الإنسان عندما يذكر نسبه لفلان من علية القوم، يذكره للتشريف، لذلك فقد نسب الله نفسه إلى ذاته وهو منتهى العزة والتشريف. 

فهو الأحد الذي ليس كمثله شئ، وهو الواحد الذي ليس له شريك، هو الموجود بذاته، والباقي هم مخلوقاته.....

له الكمال في جميع صفاته، ولذلك تلجأ إليه المخلوقات المحتاجة، ليعطيهم بكرمه ويجبر نواقصهم كل حسب حاجته، من رفع ظلم أو إذهاب هم وغم، طلب ذرية أو 

حمى أو طلب علم....إلى آخره. 

هو سبحانه الملاذ والملجأ الأزلي الموجود والباقي إلى 

الأبد.... 


ولكي يكون الملجأ مطلوب ومقصود، لابد من أن يكون آمن، وأن يملك ما يعطيه إلى لاجئيه، والأهم هو أن يكون أهل للثقة؛ حتى يلجأ إليه المضطر وهو واثق في كرمه وعدله وحكمه وحكمته، ملجأ لا ينظر إلى لونه ولا ملبسه، لا ينظر إلى حسبه ونسبه، ملجأ ثابت على الحق متين لا يعرف عنه الهوى والميل؛ فيخبر عن نفسه بأنه:   

لم يصطفي ابنا ويتبناه، ولم يلد ولدا فيميل إليه ويهواه، فهو سبحانه (لم يلد) لمن يقول أن (الإله له ولد)..... 

وليس له أب ينتظر إذنه ليعطي أحد ما، ولا يأتمر بأمره فيعجل أو يؤجل أو يمنع عن آخر، فهو سبحانه (لم يولد) لمن يقول أن (الإله له والد)......

وليس له مثيل ولا نظير، ليس هناك موجود بذاته سواه، ليس هناك من يملك كمال الصفات إياه، ليس هناك من يملك جميع الخزائن إلا هو؛ لم ولن يوجد من ينازعه في عطاياه، أو يأخذ من خزائنه وينقصها، فهو سبحانه ليس له (كفوا أحد) لمن يقول أن (الإله له ند أو شريك)... 


أدخل الله صمديته ليصف بها كماله وتفرده ووحدانيته؛ حتى لا يظن السامع أن ذلك الإله الذي ليس كمثله شئ هو إله غريب وبعيد، يصعب الطلب منه أو تصعب عبادته.  ذكرها الله لبث الراحة والثقة والطمأنينة في النفوس، وذلك بعد زمان من محاولات البشر تقريب فكرة الإله لتلائم عقولهم وأفهامهم وأهوائهم وحوائجهم؛ فجعلوا الإله صنما أو إنسانا أو طيرا وحيوانا.... 


عرف نفسه سبحانه، ولخص مفهوم الوحدانية، وخلصه من الشوائب والمغالطات التي تؤدي إلي الشرك، وأخلص لنفسه وحده الصمدية.   والمخلص من عباده هو من يؤمن بأن كل شيء ملك يديه، وأن اللجوء والحمى يكون إليه، وأن الطلب لا يكون إلا منه. 

هي سورة الإخلاص لمن يريد الخلاص... 


وصل اللهم وسلم وبارك على من أوتي جوامع الكلم، علمنا أن 

نقول إذا أوينا إلى الفراش كلمات فإن متنا من ليلتنا متنا على الفطرة وإن أصبحنا أصبحنا وقد أصبنا خيرا: للهم إني أسلمت نفسي إليك ووجهت وجهي إليك وفوضت أمري إليك رغبة ورهبة إليك وألجأت ظهري إليك لا ملجأ ولا منجى منك إلا إليك آمنت بكتابك الذي أنزلت ونبيك الذي أرسلت. 


طارق حنفي

ليست هناك تعليقات