LightBlog

الكاتب والأديب صلاح البسيوني يكتب قصة قصيرة بعنوان هدية عيد الميلاد / العربية نيوز




 اقتربت منه فى حركه انسيابيه .. بدأ يشعر بلفح أنفاسها تقترب من أذنه .. تلاقت الأجساد وهمست فى دلال .. سألته فجأة : أنت فاكر تاريخ ميلادي ؟ اصله قرب .. تلاحقت ضربات قلبه وهو يجيبها : طبعا مش ناسي . أحاطته بساعديها ونادرا ما كانت تفعل ذلك .. وسألته أنت ناوى تجيب لى هديه ؟ أجابها ببطء ومازالت ضربات قلبه تعلوا : إن شاء الله .. اعتدلت قليلا ورفعت رأسها ناظره إليه لترى تعبيرات وجهه أثناء حديثها وقالت : ناوى تجيب إيه ؟ لاحظ تحركاتها الناعمة وفهم مغزاها فرسم ابتسامه على وجهه وهو يجيب : اللي أنتي عايزاه .


اعتدلت فجأه جالسه وهى لازالت فى التصاقها وقالت : أنا عايزه خاتم ذهب يكون على ذوقك .. اتسعت ابتسامته لتخفى لمحه حزن كادت ترتسم على وجهه .. هل هى جادة فى طلبها ؟!! هل نسيت حديثهما منذ ساعات قليلة عن الازمه المالية التى يمر بها والحمل المادى الذى يحمله حتى كاد أن يسقط فى منتصف الطريق من الإعياء وثقل الأعباء .. الديون يرتفع منسوبها حتى كادت ان تغرقه مواسم الأعياد ودخول المدارس زادت من وطأة الديون .. وهى لا تفكر سوى فى طلباتها . 


استمر ينظر اليها فى شروده حتى احتواه الصمت فتصنع النوم ليوقف هذا الحوار الذى لن يجنى منه سوى المتاعب .. تلك التى بدأت منذ لحظات .. وفى كل صباح لا تنسى ان تذكره ان عيد الميلاد يقترب .. ينظر اليها مبتسما ويخرج مسرعا الى عمله ناسيا كل شئ ما عدا تلك العشرة جنيهات اليتيمة الساكنة جيبه ويحرص على ان لا تمتد اليها يده .. فهو يدخرها ليوم عيد الميلاد حتى يدخل السرور على قلبها وقلب الأولاد بشراء تورته صغيره تؤدى الغرض . 


يأتي يوم عيد الميلاد ..وقد صمد ونجح فى الحفاظ على العشره جنيهات لهذا اليوم على الرغم من الطلبات التى كانت تلاحقه بها يوميا من اجل البيت ..واشترى التورته !! .. وركب الأتوبيس وهو يحيطها بذراعيه خشية ان تلمسها يد الركاب بسوء. ودخل المنزل دخول الظافر المنتصر للمدينه .. تستقبله فيبادرها : كل سنه و انتى طيبه .. تنظر إليه متسائلة فين الخاتم ؟ ينشغل عنها بإبعاد الأولاد عن التورته لكى لا يفسدوا زينتها الى ان يتم إشعال شموعها .. تلاحقه بتساؤلها : فين الخاتم ؟ لا يجيب . تستكمل حديثها الساخط .. أنا خدمتى ليك ولبيتك ولأولادك السنين دى كلها ما تستحقش خاتم بخمسين جنيه .. يبتسم لها فى آلم وآسى .. تستطرد والدموع تملأ عينيها .. افتكر لى ياخى أيام كويسه تخلينى استاهل الخاتم .. وانهمرت دموعها وهى تغادر الغرفه باكية لاعنه الأيام التى خلت من الوفاء والتقدير . 


وخرج من فوره الى الشارع .. ليصل الى محل الذهب القريب من المنزل .. نظر الى المعروضات .. مد يده فى جيبه ليتأكد من انه فارغ .. وفى هدوء خلع دبله زواجه الثمينة وقدمها الى الصائغ طالبا منه مقارنتها بخاتم رقيق ..!!.. واستكمل قائلا : أصلها أصبحت ضيقه على إصبعي .. وتناول الخاتم الجديد واستدار عائدا الى البيت .

ليست هناك تعليقات