الكاتب والأديب صلاح البسيوني يكتب قصة قصيرة بعنوان للحديث بقية / العربية نيوز
للحـــديث بقــيـة
تأليف / صلاح البسيوني
تشابكت أيديهما عند التقاءهما في محطة مترو الأنفاق ، حيث كانت في طريقها الى صديقتها " ليلى " لمراجعة ليلة الامتحان ، اعتصرت يده ، ربت بيده الأخرى على يدها وكأنه يطمئنها ، واستقلا القاطرة الثانية الى أن توقفت فى محطة المرج ولم يترك يدها التى تشبثت بيده تحتضنها ، وتستمد منها القوة والطمأنينة ، والكل حولهم يتابع لمسات أصابعهم في حركتها العفوية ،
والصمت يحتويهم وللعيون حديثها الهامس ، حدد لها موعد لقاء العودة وألقى السلام وإرتد عائدا .
استقبلتها ليلى بترحابها المعتاد وسألتها عن أحوالها فى حنان فأخذت فى الإسترسال تقص عليها سرها الكبير ، عن حبيبها الذى أتى بها إليها ، عن المتاعب والمصاعب التى واجهتها فى الفترة الماضية والتى لازالت تلاحقها آثارها ، والعثرات التي كثرت حولها وكيف أصبحت فى مهب الريح عرضة للإنهيار أو الضياع دون حمى أو سند ، ليرسل إليها الله من يقف بجانبها دون دعوة يحميها من المتاعب دون نداء ، يرد عنها الأذى دون استغاثة ، تفكر فيه تجده أمامها ، تحتاجه تجده بجانبها ، تطلب مشورته يجيب من خلفها ، تتردد لتجده يمسك بيدها عبر إشارات الطريق ، فجأة وجدت فيه الأهل والأمل ، الرأي والمشورة النور والحنان ، وجدت حبيبها .
ما فكرت في شيء إلا وحققه دون أن تبوح له برغبتها ، وما أرادت إنهاء حاجة إلا قضاها دون أن تخبره ، ما تكلمت في حديث إلا وأكمل لها الجملة ، حتى صارا من التكرار لا يشعرا بالدهشة ، وليلى في صمتها تستمع الى حلو حديثها إلا بعد أن فرغت من الحديث لتقول لها أن هذا الرجل هبة من الله فتمسكى به فالفرصة لا تأتى فى العمر إلا مرة واحدة فلا تضيعيها من يدك، وانطلقا في المذاكرة حتى حان موعد لقاء الحبيب .
وفى الصباح أمام لجنة الامتحان كان لقاءهما وسط الحشد الهائل من الطلاب ، ولازالت "عبير" تهمس فى أذن " ليلى " أنا في شوق لرؤيته ، يا ليتني لم أطلب منه عدم الحضور لكثرة مشاغله ولا أريد أن أثقل عليه ، تقاطعها " ليلى " قائلة الكل يسترجع دروسه وأنت تتحدثين عن الشوق أرجوكى لا وقت للحب الآن ، تهمس " عبير " ليته يأتى الأن كما عودني عندما أحتاج إليه ، تقاطعها " ليلى " قائلة حتى لو حضر لن يلتقي بنا وسط هذا الحشد فالمكان متسع ولا يعلم رقم الجلوس أو اللجنة ، و"عبير" تهمس أنا متأكدة أنه سيحضر ويقابلني رغم كل ذلك بل أكاد أشعر بوجوده ، أحيانا كنت أستبدل طريقي المعتاد لأفاجأ به أمامي دون أن نتفق على هذا التعديل ، هناك بوصلة داخلنا ترشدنا الى بعض ، وتوقف حديثها بغتة وصرخت "ليلى" فيها أتركى يدي فهي تؤلمني ، وتسمرت عيناها حيث يقف فتى فى وداعه وعيناه مسلطتان على عبير وبسمة حانية تملأ وجهه ، فتترك "عبير" يدها مسرعة الى حبيبها تحتضن يده وتضمها الى صدرها وقد تناست جموع الطلاب وصديقتها التى علا صوتها قائلة : "عبير" بعد الامتحان ألقاك ، ف للحديث بقية .
التعليقات على الموضوع