LightBlog

الكاتب والأديب صلاح البسيوني يكتب قصة بعنوان فراشة النيران/العربية نيوز

 فراشة النيران

تأليف / صلاح البسيوني



شقراء فارعة الطول .. ممشوقة القوام .. باسمة الوجه .. تحمل بين جفونها عين المها .. وتخرج من عيونها نظرات ساهمة وسهام أنثى .. وهبها الله جمالا" ودلال .. فها هنا صدر متمرد وهناك خصر متمايل وأردافها كنحت تمثال إغريقي .


هكذا كانت الشقراء حديثة العهد بالعمل معنا .. ومنذ يومها الأول وهي لم تهدأ حركتها .. ولم تستقر على كرسي لفترة وجيزة .. تتنقل بين المكاتب كالفراشة .. تتعرف على كل فرد وتتواجد بكل مكان .. تريد التعلم والتعارف .. لا تهدأ ولا تتعب .. أقدامها تستكشف الأرض التي تتحرك عليها .. وعيونها تصور طرقاتها .. وعقلها يسجل نظرات المحيطين بها .


بدأت أنظار السيدات تحسدها لجمال جسدها وضحكاتها التي تملأ المكان .. والغيرة تحرك العداوات !! .. وأنظار الرجال تحاصرها وتحيط بها بل وتتابعها في ترقب الصياد لفريسته .. فيغازلها البعض علانية والبعض الآخر ينصب شباكه حولها في صبر وهدوء .. البعض متعجل للقاء والبعض الآخر متعجل للوليمة .


وهي في نشوتها .. نشوة الأنثى حين تشعر بغيرة الأنثى منها .. ونشوة المرأة حين تشعر برغبة الرجل فيها .. وتزيد نشوتها حين تشعر بعيون الرجال تحتضن جسدها وتتحسسه بل وتعتصرها في خيالاتهم .. تختال وتتمايل فيعتريها الخدر .. وتفقد عيناها الرؤية وأقدامها الطريق .. كما يفقد عقلها التفرقة بين الصياد والصديق .


وتظل الفراشة الشقراء في حركتها السريعة لا تستمع إلى صوت العقل أو الصديق .. تسرع الخطى إلى المصباح الذي يجذبها ضوئه الباهر .. تلتمس الدفء من شعلته .. ونيرانه تقترب من جسدها فتنتشي ولا تستشعر الخطر الذي ينتظرها .. تأخذها الثقة أحيانا" والغرور أحيانا" أخرى .. تصم آذانها وتشيح بوجهها عمن يحذرها أن ابتعدي يا فتاتي .. لا تقتربي يا فراشتي .. النار لن تدفئك بل ستحرق جسدك .. أفيقي من نشوتك .. ابتعدي عن المصباح فليس كل ما يلمع ذهبا .


والفراشة تزداد حركتها .. تترنح في رقصتها .. تضطرب خطواتها .. تتيه نظراتها .. يجذبها الضوء .. يخدعها البريق .. يخدرها الدفء .. يزداد تمايلها على إيقاع طبول الصياد .. النشوة تسيطر عليها وهي تؤدي رقصة الموت .. والحركة لا تهدأ .. والرقصة لا تتوقف .. ولا زالت في اقترابها من المصباح .. حتى تسقط في أحضانه عارية .. وتحترق .

ليست هناك تعليقات