الكاتب والأديب صلاح البسيوني يكتب قصة قصيرة بعنوان إصبع السبابة/ العربية نيوز
إصبع السبابة
تأليف / صلاح البسيوني
جلس صديقي على المقهى في جلسته اليومية رافعا ذراعه اليمنى إلي أعلي وقد ربط كفه بقطعة من الشاش .. وأخذ يحرك أصابعه فجأة .. يقبضها ويبسطها .. فاتخذت مكانا بجواره متسائلا : خير ما أرى ؟ .. سلمت يدك من الأذى .
قال ضاحكا : هذا ابتلاء من ربى لا بأس به .. قضاء أخف من قضاء .
قلت : ماذا بك ؟ وماذا حدث ؟ .
ابتسم وقال : أنه إصبع السبابة الذي ارفعه دائما بالتهديد والوعيد في وجه من يغضبني .. فأراد الله أن تهدأ نفسي وألا اهدد أحدا أبدا .
قلت ضاحكا : قص على ما حدث .. لعل في الأمر عظة بها نعتبر .
قال : في الآونة الأخيرة كثرت عصبيتي في وجه الآخرين من الأصدقاء والعملاء فأصبحت لا أطاق في مجالسهم .. ودائما إصبع السبابة يسبق لساني بالتهديد والوعيد في وجوههم حتى كان الكل يصيح ( لا ترفع إصبع السبابة في وجوهنا ) .. وكنت أجيبهم في عصبية وتحدى ( أرفع إصبع السبابة متى شئت وفى وجه من شئت ولا يمنعني أحدا ) وربما خرج الرد منى في صيغة خاطئة فأراد الله بي رشدا .. فاستيقظت في الصباح وقد تجمد إصبع السبابة في وضع الانحناء .. ولم أستطيع رفعه لأعلى .
ذهبت إلي الطبيب من شدة الآلام فأخبرني بضرورة إجراء عملية جراحية لتسليك الوتر قبل أن يقطع فتزيد الأمور سوءا .. وبدلا من فتحة صغيرة بالكف نجد فتحة بطول الساعد لنزرع وترا .. فما ترددت ولا تراجعت وأسلمت أمري لله وعليه توكلت .
وها أنا قد خرجت من المستشفى بعد الجراحة وما يتلوها من آلام لا تطاق وأدوية مسكنة وعلاج ولا يزال في الأمر مددا .. ولابد مع العلاج من استمرار إغلاق القبضة وبسطها حتى يلين الوتر ويشفى الجرح وتعود الأمور إلى ما أراده الله لها .
قلت مشاكسا : وكيف ستستخدم إصبع السبابة في معاركك اليومية بعد ذلك .
ابتسم في خجل وقال : لن ارفع إصبع السبابة في وجه أحد بعد اليوم .. لقد حذرني ربى .. وما حدث لي كان تذكرة وعبره .
داعبته قائلا : إذا" فيما ستستخدمه بعد أن اعتدت على رفعها في وجه الآخرين زمن طويلا .
قال : لم تعد بالنسبة لي ( إصبع السبابة ) سأغير اسمها حتى أتذكر دائما وظيفتها .. فلن ارفعها إلا لنطق شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله .. ولذا سميتها ( إصبع الشهادة ) .
فارتفعت ضحكتي في المكان وانصرفت مسرعا في طريقي .
التعليقات على الموضوع