LightBlog

الكاتب والأديب صلاح البسيوني يكتب قصة بعنوان في انتظار إسبارتاكوس/العربية نيوز

 في انتـظار إسبارتاكوس

تأليف صلاح البسيونى

 


حطت أقدامه ارض المطار .. التقطت أنظاره لافتة تحمل اسمه..اسرع الى حاملها الذى عاونه في حمل حقيبة سفرة ليضعها في السيارة الونيت (سيارة نصف نقل) ويشير اليه ليركب بجانبه لتتحرك بهما الى بيت من ثلاثة ادوار في منطقة تتسم بنفس الطابع من البناء والارتفاع واللون .


صعد الى الدور الثاني..وفتح باب غرفة بها ثلاثة افراد واشار الى طراحة ( مرتبة اسفنج بسمك ٥ سم ) كي ينام حتى الصباح .


بالصباح اصطحبة مرافقة عبد اللاه اليمنى الى محل يمنى للتصوير حتى يتم استخراج دفتر الاقامة له .. واثناء اختلاء المصور اليمنى به للتصوير .. سأله انت مصري ؟ هز راسه ايجابا .. مهنتك ايه ؟ همس في تيه محاسب .. قال له ؛ ايه رماك على هنا ؟ نظر اليه في استغراب وقال ؛ عقد عمل .. قال ؛ انت عارف هتشتغل مع مين ؟ اجابه ؛ مؤسسة منصور العبيد .. قال ؛ انا بحذرك يامصرى ..خلى بالك من نفسك .. حبس اربع محاسبين قبلك .. اجابه ؛ اكيد حصل سرقة .. ابتسم وقال ؛  لا .. لأنها تجارة البشر وليست عقود عمل .. تعمل بلا نقود .. ثم تسجن وترحل الى بلادك ثم يتم استخدام تأشيرتك بالبيع لمكاتب السفريات في بلدك لاستقدام غيرك .. اسمعنى جيدا يامصرى .

منصور العبيد .. شاب من جيل البترول .. في بلاد البترول .. هبة الله في ارضها .


صاحب شركة كبرى للمقاولات في العاصمة .. مثله مثل الكثيرين من رجال الاعمال العرب يهبط من السماء على الدول المحيطة لاستقدام العمالة لشركته .. ويحقق ربحا خرافيا من بيع تلك التأشيرات لشركات العمالة .. بجانب خدمات اضافية يحصل عليها خلال تعاقداته من سهرات والشيء لزوم الشيء .. ويدفع المتعاقد مبالغ طائلة لتحقيق حلمه بالسفر العلاج السحري لحل ازماته .. وهو يدفع صاغرا منبطحا تحت وطأة العوز وضغط الظروف وانحناءة الظهر مقابل صك عبوديته .


حيث ان رب العمل هو المتحكم في مقدراتك او قدرك بعد الله .. يحصل على جواز سفرك منذ وصولك ولا تستطيع العودة الا برضائه ولو طالبت الغاء التعاقد يمكنه سجنك .


عقد العمل هو صك عبودية غير موجود بأي ارض في العالم الا الارض التي اشتهرت بالأمن والامان .


ومنصور رجل اعمال من جيل الطفرة كما يسمونها حين ارتفعت أسعار البترول بجنون اثناء حرب أكتوبر .


اسألوا عنه حيدر على من باكستان .. وأيوب خان وأبو الكلام من بنجلادش .. ورفيق الإسلام من الهند .. وعبد اللاه من اليمن .. وغيرهم من العمال الذين جاءوا من بلاد تعيش عند خط الفقر ليعيشوا على يديه تحت مستوى الادمية والبشرية .


اسألوا الفني جون الفلبيني .. والمحاسب حلمي المصري .. ابحثوا وستجدوا الكثير من الضحايا تحت الأنقاض  .. صرعهم الموت .. أو أخرسهم الجوع والعطش .. وشل حركتهم الخوف من الاتهامات الباطلة بالسرقة التي تؤدى بهم الى السجن دون دليل سوى كلمته اذا علا همسهم طلبا لحقوقهم او التزاما بتعاقدهم .


لا تظلموا منصور فهو ثاقب النظر .. صاحب بصيره .. يعمل دائما الخير .


كيف يعطيك راتب ؟ أليس من المتوقع ان يحدث لك ظرف مفاجئ يستدعى سفرك .. فكيف تدبر الأموال ؟ لذا عليه احتجاز راتب الثلاثة شهور الأولى لهذه الظروف .


كيف تضيع أموالك على الطعام ؟ .. أليس بكاف سلفة مبلغ خمسون ريال لكي تبتلع ما تسد حاجتك خلال الشهر .


وكيف تريد إرسال أموال الى أسرتك؟ فيجب أن تنسى كل شيء عن بلدتك عند حضورك .. حتى اهلك وزوجتك وأطفالك لهم الله .. ألست بمؤمن .


راتب الشهر الرابع يخصم منه سلف الطعام عن الشهور السابقة .. وقيمه دفتر الإقامة اللازم كإثبات للهوية . 


والباقي يتم ترحيله أمانة لديه لحين سفرك !! ولكن مهلا من قال اننا اتفقنا على هذا الراتب .. لا تحدثني عن العقد .. أنت لا تستحق هذا الراتب .. يتم تخفيضه الى الثلث .. بمقدار كفاءتك .


لا تتمرد فلن تجد من يعطيك حبه أرز .. فجميعهم لا يكفيهم ما معهم .. لن تمتد إليك يد حتى تموت جوعا .. ونقودك سوف تأخذها حين سفرك .. إذا أحسنت التصرف .


ألستم معي انه يعمل للخير ..  ثاقب النظر .. لا يحمل وجه شيطاني .. بل انه الشيطان نفسه .


وتستعر نيران العبودية لتدمر كل شيء جميل في هذا البلد الآمن .. والكل ينظر حوله مستضعفا .. صارخا .. رافعا يده إلى السماء يدعو الله .. ويبتهل بكل اللغات .. ثم يعود إلى الصمت .. وأنظارهم تنظر إلى المجهول .. والصبر يقتل خلاياهم .. ومنصور يسفك دماءهم .


وهم لا يزالوا في انتظار إسبارتاكوس محرر العبيد لكي يحررهم .

ليست هناك تعليقات