LightBlog

الكاتب والأديب صلاح البسيونى يكتب قصة بعنوان الرحيل

 الـرحـيل

تأليف صلاح البسيونى

  


بدأ كل شئ وكأنه حلم اعتاد كثيراً أن يراه فى منامه ويقظته .. أحياناً كالكابوس وأحياناً أخرى يمر كالطيف .. وفى كلا الحالتين فقد إعتاده وما عاد يخشاه .


ولكن هذه المرة ليست كغيرها .. اختلفت المعايير وتضاربت المشاعر وتلاحقت الأحداث .. مثل المرات السابقة هددت بترك البيت إذا لم يحقق لها رغباتها !! .. ومثل المرات السابقة كانت على يقين من أنه سيرضخ لطلباتها فى النهاية .


ولكن هذه المرة لم تكن كغيرها .. إختلفت ردود أفعاله .. لم يحاول منعها عند جمع ملابسها .. لم يجذب منها حقيبتها .. لم يحاول أن يهادنها ليمتص ثورتها حتى تهدأ وتمكث فى منزلها .. لم يعدها بشيء حتى لو كان وعداً زائفاً .. لم يحاول مجرد المحاولة فهذه المرة ليست ككل المرات .. وتركها تسير فى طريقها حتى النهاية .


بين الغضب والهدوء تضاربت مشاعره .. لا مفر من الصدام .. تجنبه وتحاشاه دون جدوى .. وتجنب نظرات الصغار الحائرة المتوسلة التي ترجوه أن يحاول معها مثل عهده فى كل مرة .


حاولت جاهدة أن تخدع مشاعر الأمومة داخلها .. وتخدع صغارها بوعود زائفة أن ترسل من يصحبهم إليها .. وتزداد نظراتهم تضرعاً إليها .. لا تتركينا .. وعلا صراخهم ونحيبهم .. لتنتصر فى داخلها مشاعر الأمومة على جحودها ..  فأمسكت بهم .


وإنغرس السكين الى آخره فى صدره .. ولم يستطيع من شدة الألم أن يتحرك .. أن ينظر إليهم .. أن يقبلهم .. فاحتواهم بنظرة حانية اختزن فيها كل مشاعره كما اختزن فيها أدق ملامحهم ..وأغمض عينيه على صورهم .. وأطبق بيديه على أذنيه لمنع خروج أصواتهم .. واخلد الى الصمت الرهيب حتى لا ينهار أمامهم . 


ونظر الى سقف الغرفة يبحث عن المجهول القادم .. وأخذتهم معها ورحلت .

ليست هناك تعليقات