الكاتب و الأديب صلاح البسيوني يكتب قصة قصيرة بعنوان خروف العيد / العربية نيوز
خــروف العــيد
تأليف صلاح البسيونى
خرج الأستاذ " عايش " كعادته كل يوم متوجها الى عمله .. وذهنه شارد .. يفكر فى أمر هام .. ألا وهو ذلك الطلب الذى فوجىء به من صغاره والذى طالما رددوه طوال الأسبوع مع أمهم .. وتحاشى الحديث عنه - معهم - حتى فوجىء به .. والعيد غدا .
عايش ليس إسمه الحقيقى .. ولكنه إسما إكتسبه من رضائه الدائم بما قسمه الله له من رزق عن قناعة جعلته كلما سأله أحد عن أحواله فى هذه الأيام الصعبة التى يمر بها الجميع من غلاء وإرتفاع متوالى فى الأسعار .. أجابهم فى هدوء ورضا : الحمد لله .. عايش .. حتى أطلق عليه الزملاء والأصدقاء إسم الأستاذ عايش .
ومثل كل أيام هذا الأسبوع خرج الأستاذ " عايش " بعد إنتهاء العمل يجوب الشوارع المحيطة به .. يطوف بأكثر من جمعية تعاونية .. ليقف أمام الشوادر المقامة لتحيط بما يسمى بخراف العيد .. ولا يفيق من تأملاته إلا بعد أن يكون الجمع الغفير من الموجودين قد دفعوه بعيدا عن الشادر .. ليغادر المكان الى جمعية أخرى .. ليقف أمام شادر آخر .. وهو فى وقفته هذه يحاول أن يتصيد صوت خروف يذكره بخروف العيد الذى كان يعلو صوته ليقلق راحة الجيران ويصم الآذان .. أيام زمان .. ولكن محاولاته باءت بالفشل .
فهذه الخراف من بلاد الخواجات التى تحارب الضوضاء .. وتضرب
بيد من حديد على كل من يتسبب فيها .. مهما كان حسبه أو نسبه او جنسه .. فسكتت فيها كل الأصوات حتى صوت الخراف .
تنتقل عيناه متفحصة الخراف بحثا عن مؤخرتها الشهيرة الممتلئة بالشحوم والدهون والتى يتسابق الصغار عليها لعمل السندوتشات منها بعد تصفية الشحوم على النيران مضافا اليها التوابل والبهارات .. كما كان يفعل ايام زمان .. ينظر فلا يجد سوى مؤخرة عجفاء .. فهذه الخراف من بلاد لا تعرف اسراب الناموس والذباب .. فما حاجتها لمؤخرة تحميها .
قرر الأستاذ " عايش " الألتزام بالضوابط الأقتصادية التى تحيط عنقه .. إشترى شنطة بلاستيك ليضع بها نصف خروف طولى مستورد ومثلج لا شحم بها ولا لحم .. ضمها الى صدره فى طريقه الى البيت .. يلتف حوله الأولاد .. يبشرهم انه اشترى خروف العيد .. يستكمل .. وأخذته الى الجزار ليذبحه وينظفه وأحضرته جاهزا حتى لا يتسخ البيت بالدماء وآثار الذبح .. وتتعب ماما فى تنظيفه .. عليكم بإحضار السكين لتقطيعه الى أجزاء ليمكن حفظه فى الثلاجة .. تتحرك الصغار فى خيبة أمل واضحة لتحضر السكين وآذانها مع صوت خروف العيد على سطح الجيران يصم الآذان مثل أيام زمان .
التعليقات على الموضوع