الكاتب والاديب د . صلاح البسيوني يكتب قصة قصيرة بعنوان الزيارة / العربية نيوز
الــزيــــــارة
تأليف / صلاح البسيوني
جفا النوم عينه .. هرب منها النعاس .. دب النشاط فى جسده وسرت الدماء فى عروقه كما لم تسرى من قبل .. العيد غدا والكل فرح وسعيد .. أخذ يعد ملابس أطفاله .. يكويها وهى جديده .. يضعها بجوارهم بالفراش .. يضع بها العيديه نقودا جديده .. بل ووضع الأحذية والجوارب أيضا بجانبهم كما كان يفعل معه الأهل فى صغره .. التفت الى ملابس زوجته ليكويها ثم يضع بها أيضا العيديه . .يكوى ستائر الشقه ويعلقها لترتدى أيضا ملابس العيد .. وبعد أن أطمئن على كل شئ أخذ يكوى ملابسه والفرحة تهزه من الداخل .
الصباح أشرق وهو لم يجنح الى النوم .. والكل نيام .. اغتسل وارتدى ملابسه .. همس فى أذن زوجته وهى نائمة كل سنه وأنتي طيبه والأولاد طيبين .. لن أتأخر فى سفري .. وطبع قبلة حانية وخرج مسرعا فى طريقه الى بلدته .. كان ذلك سر سعادته الغامرة .. نعم كان فرحا بزيارة والده فى بلدته بعد غياب طويل شغلته خلالها حياته وأسرته وعمله .
وجاءت الفرصة للزيارة .. وصل القرية فى الصباح وتنقل من بيت الى بيت الى آخر يتبادل مع كباره التهاني ويعطى صغاره العيدية إلى أن انتهى به المطاف الى حيث والده .. ألقي عليه السلام وعلى أهل الدار .. لم يسمع الرد .. وانهمرت دموعه فى صمت وهو يتمتم بصوت غير مسموع تتسابق الكلمات على شفتيه دون ان يسمعها أحد .. ثم استدار عائدا الى حيث أتى .. وعلا صوته قليلا وهو يغادر المكان .. السلام عليكم يا أهل القبور .. أنتم السابقون ونحن اللاحقون .
وعندما أوشكت الشمس على المغيب كان قد وصل الى منزله .. ليحتضن أطفاله ويقبلهم ويداعبهم .. نظر الى زوجته .. أشاحت بوجهها بعيدا كيف يتركها نصف اليوم وهو عيد .. ونسيت انه معها طوال سنين .. وان تلك الزيارة القصيرة تأخرت كثيرا .. وبها بعض الوفاء وصله الرحم .. ومضى يوم العيد والجو يخيم عليه الخصام .. فهرب بفكره فى صمته يسترجع شريط الزيارة .. وتمنى ان يهرب بجسده الى حيث أتى .. ليعيد الزيارة ويشعر بالسعادة من جديد .
التعليقات على الموضوع